أفهم جيدا أن يتم اعتبار الإفراج عن عبود الزمر من منجزات
ثورة يناير، بما أنه أنهى فترة عقوبته منذ عشر سنوات، وتواجد
رهن الاعتقال طوال الفترة الماضية ظلما وبلا أى سند قانونى،
وأفهم جيدا أن هذا الرجل يستحق الاحترام، كونه ثبت على مبدأ
طوال هذه الفترة الماضية، على الرغم من كل ما تعرض له من
تنكيل، وأفهم أن الإفراج عنه هو إعلان لبدء عصر سيادة القانون،
وأفهم أن هذا الرجل يحق له أخيرا أن ينام ليلته هانئا بين أفراد
عائلته، ولكن.. ما مبرر الزفة التى تم استقباله بها؟
بصراحة.. لا أفهم ما كل هذه الحفاوة التى استقبل بها الإعلام
رجلا اشترك فى اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق؟
لم أصدق أذنى، عندما سمعت الزمر يقول للزميل خيرى رمضان
فى مصر النهارده إنه سيذهب فى صباح اليوم التالى لزيارة
المجلس العسكرى! .. يا نهار إسود!.. هذا الرجل قتل قائد حرب
أكتوبر أمام كل رجال الجيش وفى حضور كل عناصر القوات
المسلحة (أرجوك نحِّ جانبا رأيك الشخصى فى السادات كرجل
سياسة ودعنا نتفق على المبدأ نفسه)، وكيف يمكن للدكتور عصام
شرف أن يستقبل فى مكتبه شخصا اعتمد على التصفية الجسدية
كطريقة لإبداء وجهة نظر سياسية مختلفة؟
كيف يسمح الإعلام لعبود الزمر بأن يمرر وجهة نظر تقول إن
الثورة حدثت كما كان يرغب خالد الإسلامبولى؟ (طيب بالنسبة
لبكير وبنونة وبسيونى ومحروس وحسين طه اللى كانوا طالعين
بيقولوا: سلمية سلمية، وماكنش فى جيوبهم طلقة مسدس صوت..
دول موقفهم إيه؟ وهل كانوا امتدادا لرؤية وحلم الإسلامبولى؟).
هى الثورة هتخلط الورق ببعضه كده ببلاش؟، هى الثورة معناها
أننا نتعامل مع شخص تجلت عبقريته فى التخطيط لجريمة قتل
وكأنه رمز جديد للثورة لمجرد أنه كان سجيناً سياسياً فى العصر
السابق؟ أفهم جيدا أن نتعامل بهذا المنطق مع المهندس خيرت
الشاطر، لأنه صاحب مشروع سياسى لم يعتمد العنف يوما ما،
أفهم أن نحتفل جميعا بالشاطر (حتى لو اختلفنا معه سياسيا)، لأنه
عارض وقاوم الفساد دون أن يطلق رصاصة واحدة، لكن هل
يستوى الشاطر بمن قال عنهم الله: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا
فجزاؤه جهنم».. سورة النساء؟
من حق الزمر أن ينعم بحريته بحكم القانون، لكن كيف سننسى
أن عبود الزمر (ربما دون أن يقصد) كان سببا فى وصول مبارك
للسلطة؟ كيف اختلطت الأمور فصار أول المتسببين فى كل ما
عانينا منه خلال الثلاثين عاما الماضية، شريكا فى الثورة ومبشرا
بها وضيفا على الشرفاء الذين أنهوا هذه المأساة؟
ننتظر من الزمر أن يعلن اعتذاره عن قتل مواطن مصرى، لأنه
اختلف معه سياسيا.. أنت لم تذق على يد السادات ما ذقناه على
مدى ثلاثين عاما، ومع ذلك لم نطلق رصاصة واحدة، وغيّرنا كل
شىء ونحن لا نحمل فى أيادينا سوى الكمامات وزجاجات الخل..
الشارع تغير يا شيخ عبود وطريقتك فى العمل السياسى
مرفوضة، ولا بديل عن الاعتذار عن القتل، حتى لا يلفظك شارع الثورة سياسيا وفكريا.
وحتى تقدم اعتذارك مالكش عندنا غير جملة واحدة من ثوار
خرجوا ينادون بالحرية إلى مواطن مدين لهم باستنشاق هذه
الحرية: «حمداً لله على السلامة».
بقلم الصحفي عمر طاهر
ولو اني لا احب اتكلم عن السياسه كثيرا احببت ان انشر هذه المقاله من جريده المصري اليوم واتمني منكم المشاركه والتعبير عن رأيكم